في أيام الجامعة كانت لأحد زملائنا من (سناير) الكليَّات الأخرى - الذين يكثرون من التظاهر بالوسامة و الذكاء أمام (البرلومات) - مقولة طريفة كان يُطلق عليها (نظرية) !
كان ذلك الزميل يقول : إن السر في جمال معظم زميلاته - الفاضلات ! - من بنات الشهادة العربية يرجع إلى اغتراب آباءهن قبل أن يتخذوا قرار الزواج .
فـ المغترب الذي يتمكن من جمع أكبر قدر من المال يعود ليختار أجمل فتاة في العائلة، أو أجمل (بت في الحلة) و لهذا السبب فـ إن معظم زوجات المغتربين من الجميلات و بالتالي بناتهم .
بالطبع كنت أرى نظريته تلك متهالكة و مليئة بالثقوب، ربما لأن الغرض من طرحه لها بكل ذاك الحماس لم يكن لله في لله !
ثمَّ .. قبل بضعة أشهر و ذات أمسية كئيبة و بينما كنت أتحايل على ضجري بمشاهدة التلفاز شاهدتُ في (برنامج ما) على إحدى القنوات السودانية (باقة) من النساء المغتربات يتحدثن أو (يتونسن) في جلسة دائرية خلابة المنظر عن الحياة في بلاد الغربة - لم يتحدثن عن معاناة الغربة و .. ويلات الغربة بل - عن تفنُّنهن في التأقلم مع الحياة في الغربة .. و عن طقوس تزويج أبناءهن في الغربة .. و عن كيفية قضاء الأعياد في الغربة !
ثم قالت أجملهن بابتسامة راضية مُطمئنَّة :
- و الله يا جماعة .. نحن هنا لو جاتنا أي مناسبة ما بنحس بأي فرق كأننا في السودان بالضبط .. لأنو نحن هنا كلنا يد واحدة !
فـ ما كان مني إلا أن تساءلت في دهشة حقيقية لا أثر فيها للسخرية :
- هل تتحدث هذه السيدة عن المغتربات فعلاً .. أو بجملة أخرى (هل تتحدث هذه السيدة بلساني) ؟! .. إن كانت تفعل فـ يا للعجب !
من قال بأننا نعيش الغربة بكل هذه السعادة و الحبور ؟! .. و من قال إن الغربة أياً كانت معطياتها و كيفما كانت يمكن أن تكون مُرضية للحد الذي يجعلنا نهتف بكل ذلك الاطمئنان : (كأننا في السودان بالضبط ) !
تمنيت أن أسأل تلك المغتربة عن أمرين كلاهما (هام) من وجهة نظري (القابلة للخطأ و الشطط) .. كنت سوف أسألها بلهفة عن تلك المعادلة السحرية التي تجعلني أعيش ساعة واحدة في الغربة كأنني في السودان بالضبط !
أما سؤالي الثاني فسيكون عن نوع (كريم الأساس) الذي تستخدمه لأنه كان يعكس الإضاءة على بشرتها بشكل رائع طوال الحلقة .
( بـ منتهى الجديَّة أتمنى أن أعرف ماركة المكياج الذي كانت تستخدمه و هذا جزء أصيل من اهتمامات النساء) !
على كلًّ : لقد عزز حديث تلك السيدة الفاضلة من إحدى قناعاتي و التي مفادها أن الاغتراب هو (اسم الدلع) الذي يطلقه المهاجرون السودانيون على هجرتهم .. فـ هل أنا مخطئة ؟! ..
المغترب هو الشخص الذي يترك البلد وسط دموع الأهل و هو يردد من بين دموعه : ( ما مشكلة كلها كم سنة و الواحد يرجع يستقر) .. المغترب هو الذي يضع لاغترابه (خطة ما) .. خمسيَّة .. أو عشريَّة .. أو حتى عشرينية .. المهم أن يكون هنالك سقف زمني ما !
و بما أنِّي أمثل الجيل الأول ( ولا الثاني ما عارفة) من أبناء المغتربين الذين تسلمُّوا راية الاغتراب من آباءهم الذين لا زالوا مغتربين، أقول بكل صراحة و مرارة : ( نحن لسنا مغتربون .. نحن مهاجرون ) .. أما إلى متى ؟! .. فـ (الله أعلم) !
نعود إلى (ونسة) المغتربات في ذلك البرنامج .. كنت قد لاحظت أنَّهن على كثرتهن جميلات جداً .. فـ التفت إلى زميلي (صاحب النظرية) - الذي أصبح زوجي - و قلت بابتسامة مسكينة :
- و الله ما شاء الله .. الجماعة ديل بـ تنطبق عليهم نظريتك بتاعة أيام الجامعة !
كان ذلك الزميل يقول : إن السر في جمال معظم زميلاته - الفاضلات ! - من بنات الشهادة العربية يرجع إلى اغتراب آباءهن قبل أن يتخذوا قرار الزواج .
فـ المغترب الذي يتمكن من جمع أكبر قدر من المال يعود ليختار أجمل فتاة في العائلة، أو أجمل (بت في الحلة) و لهذا السبب فـ إن معظم زوجات المغتربين من الجميلات و بالتالي بناتهم .
بالطبع كنت أرى نظريته تلك متهالكة و مليئة بالثقوب، ربما لأن الغرض من طرحه لها بكل ذاك الحماس لم يكن لله في لله !
ثمَّ .. قبل بضعة أشهر و ذات أمسية كئيبة و بينما كنت أتحايل على ضجري بمشاهدة التلفاز شاهدتُ في (برنامج ما) على إحدى القنوات السودانية (باقة) من النساء المغتربات يتحدثن أو (يتونسن) في جلسة دائرية خلابة المنظر عن الحياة في بلاد الغربة - لم يتحدثن عن معاناة الغربة و .. ويلات الغربة بل - عن تفنُّنهن في التأقلم مع الحياة في الغربة .. و عن طقوس تزويج أبناءهن في الغربة .. و عن كيفية قضاء الأعياد في الغربة !
ثم قالت أجملهن بابتسامة راضية مُطمئنَّة :
- و الله يا جماعة .. نحن هنا لو جاتنا أي مناسبة ما بنحس بأي فرق كأننا في السودان بالضبط .. لأنو نحن هنا كلنا يد واحدة !
فـ ما كان مني إلا أن تساءلت في دهشة حقيقية لا أثر فيها للسخرية :
- هل تتحدث هذه السيدة عن المغتربات فعلاً .. أو بجملة أخرى (هل تتحدث هذه السيدة بلساني) ؟! .. إن كانت تفعل فـ يا للعجب !
من قال بأننا نعيش الغربة بكل هذه السعادة و الحبور ؟! .. و من قال إن الغربة أياً كانت معطياتها و كيفما كانت يمكن أن تكون مُرضية للحد الذي يجعلنا نهتف بكل ذلك الاطمئنان : (كأننا في السودان بالضبط ) !
تمنيت أن أسأل تلك المغتربة عن أمرين كلاهما (هام) من وجهة نظري (القابلة للخطأ و الشطط) .. كنت سوف أسألها بلهفة عن تلك المعادلة السحرية التي تجعلني أعيش ساعة واحدة في الغربة كأنني في السودان بالضبط !
أما سؤالي الثاني فسيكون عن نوع (كريم الأساس) الذي تستخدمه لأنه كان يعكس الإضاءة على بشرتها بشكل رائع طوال الحلقة .
( بـ منتهى الجديَّة أتمنى أن أعرف ماركة المكياج الذي كانت تستخدمه و هذا جزء أصيل من اهتمامات النساء) !
على كلًّ : لقد عزز حديث تلك السيدة الفاضلة من إحدى قناعاتي و التي مفادها أن الاغتراب هو (اسم الدلع) الذي يطلقه المهاجرون السودانيون على هجرتهم .. فـ هل أنا مخطئة ؟! ..
المغترب هو الشخص الذي يترك البلد وسط دموع الأهل و هو يردد من بين دموعه : ( ما مشكلة كلها كم سنة و الواحد يرجع يستقر) .. المغترب هو الذي يضع لاغترابه (خطة ما) .. خمسيَّة .. أو عشريَّة .. أو حتى عشرينية .. المهم أن يكون هنالك سقف زمني ما !
و بما أنِّي أمثل الجيل الأول ( ولا الثاني ما عارفة) من أبناء المغتربين الذين تسلمُّوا راية الاغتراب من آباءهم الذين لا زالوا مغتربين، أقول بكل صراحة و مرارة : ( نحن لسنا مغتربون .. نحن مهاجرون ) .. أما إلى متى ؟! .. فـ (الله أعلم) !
نعود إلى (ونسة) المغتربات في ذلك البرنامج .. كنت قد لاحظت أنَّهن على كثرتهن جميلات جداً .. فـ التفت إلى زميلي (صاحب النظرية) - الذي أصبح زوجي - و قلت بابتسامة مسكينة :
- و الله ما شاء الله .. الجماعة ديل بـ تنطبق عليهم نظريتك بتاعة أيام الجامعة !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك فرق - الرأى العام - 2007