أمران أضحكاني – في هذه الأجازة – حَـد القهقهة و أمعنْتُ في السخرية منهُما على تلك الطريقة المحليَّة في السخرية من شَطحات المغتربين اللفظيَّة و السُلوكيَّة أيام زمان ! . (أوَّلهُما) أغنية من أغاني (البنات) تحمل مفردات غريبة المعاني , يتَخلَّلُها سؤال دائم شديد الإلحاح على نحو " كدا كيف " ؟! و إجابة متكررة على غرار " مبالغة " ! , و عندما سألتُ صديقاتي - من بين دموعي التي سَالتْ من فرط الضحك - عن اسم المغنِّية , صفعَتني الإجابة التي وجدتُها تستوجب دمعاً من نوع آخر : " دي ما بت , دا ولد " ! . الدمع الذي عنيتُه من المفترض أن يسكبُه (ذووه) و ليس أنا بالطبع ! .
أما (ثاني) الأمرين فتلك النَّزعة (الطبقيَّة) المستحدثة في تقييم أصحاب شرائح الهواتف المحمولة , فهم ينقسمون بحسب هذا (العُرف) الصَّارم إلى فئات تتراوح بين : " شخصيات هامة " و " ناس ساكت " ! . إذ يبدو أن لعنة " البوبار " قد حلّت على الشعب السوداني و تمكنت منه إلى حد تقديم نوع الشريحة على مقدار الخبز و ملائمة الكساء و غير ذلك من أولويات الحياة . فلا يهم أن تكون جائعا أو شبعاناً بقدر ما يهم أن تحمل شريحة محترمة تُجنِّبُك اضطهاد المُستقبِِل لرقم هاتفك على الطرف الآخر ! . و قد أدركتُ هذا عندما اشتريت حال وصولي إلى الخرطوم شريحة (موبايل) بمبلغ زهيد و بها القليل من الرصيد , و قد استبشرت بهذه الصفقة الرابحة التي تخدم أمثالي من القادمين إلى البلد لفترات مؤقتة و لا يحتاجون إلى استخدام هذا النوع من الشرائح لأكثر من شهر أو اثنين , لكنِّي فوجئت بظاهرة في منتهى الغرابة تتمثل في عدم الترحيب بالمكالمات الواردة من هذا النوع من الشرائح , فشكوتُ إلى إحدى صديقاتي من عدم رد الناس على مكالماتي , بل و عدم محاولتهم معاودة الاتصال بعد ذلك . فقالت بهدوء " بكونوا فاكرينك زولة ساكت " ! . و عندما أعربت عن استنكاري لمثل هذا التصنيف المُخِلْ تناولت هاتفها و قامت بالاتصال بذات الرقم الذي لم أجد منه أي رد و هي تقول بثقة " أنا نمرتي (v I p) , عشان كدا ح يردوا طوالي " ! . و بالفعل أتى الرد بسرعة مُحيِّرة . عندها قالت صديقتي و هي تضحك : " كدا كيف ؟! " . أجبتُها بسخطٍ عظيم : " مبالغة " ! .
No comments:
Post a Comment