Sunday 2 September 2007

أيها الناخب هل أنت جاهز ام مستعد ؟!


هل غادر الشعراء من متردَّمٍ في حكاية الحديث عن التحول الديمقراطي ؟!. لا أظن ذلك و الدليل أن معظم الساسة عندنا من وزراء و برلمانيين يتحدثون عن هذا التحول المرتقب و كأنه عصا موسى التي سوف تشق بحر الحقوق و الواجبات المتبادلة - بين الحكومة و (الوطن) ثُمَّ الحكومة و المواطن - إلى نصفين متعادلين متشابهين ! .

و هذه بالضبط هي المشكلة : أنه (مرتقب)، و كأنه سيهبط علينا من السماء بقرار وقوع واقعة الانتخابات، و من ثَمَّ اختيار الناس لمن سيحكمها بملء إرادتها، و كأن إرادتها تلك ستنبثق في ثوب جديد غير ثوبها البالي الذي تلبسه الآن ! .

في هذه الحالة الأجدى أن نسميه (انقلاب ديمقراطي) لأن التحول الديمقراطي الحقيقي يكون مرحلياً بقدر ما يكون مفصلياً أو جذرياً، أي أن هنالك دوماً علاقة طردية بين جذرية الأهداف و مرحلية تحققها التي تشبه واقع و ظروف المنتفعين بها و أولئك الذين يفترض أنها قد رُسمت لأجلهم .


و الحقيقة أنه لا يزال هنالك الكثير مما يجب أن يقال عن هذا، إنما من غير الذين تعودنا عليهم منذ الاستقلال و حتى هذا المنعطف . فهم قلة محددة الانتماء، محدودة العدد يمكننا أن نحصيهم بأقل من أصابع اليد الواحدة، و لا يعقل أن يكون العقم قد أصاب رحم هذه الأرض بعدما أنجبتهم ! .

إن الكيانات السياسية في كل أنحاء العالم لا تشيخ و لا تهرم لأنها تعمل على تجديد دماءها كل بضع سنوات على الأقل، بينما الحال عندنا على غير ذلك فقد ظلت الكلمة الأولى و الأخيرة حكراً على (قائل واحد) داخل أروقة أحزابنا السياسية، (قائد أوحد) لا يمكنه بأية حال أن يجاري متغيرات العصر بذات الكفاءة و الحنكة، أو فلنقل ذات المقدرة على الموازنة بين الحماس الخلاق و الموضوعية المهادنة .

هذا التأليه قد يكون مرده إلى نزوع الشخصية السودانية إلى تنزيه الكبير، لأجل ذلك يتخذ المواطن موقفا مُذعنا مع أي موقف يصدر عن قيادة الكيان السياسي الذي ينتمي إليه و إن أخطأت، بينما يتخذ موقفاً عدائياً في مواجهة المواقف التي تصدر عن الآخر و إن كان مصيباً . الأمر الذي يعني قصوراً في نضجه السياسي .
ما الذي قد يضيفه التحول الديمقراطي إلى مواطن يُقدِّم الولاء الأعمى على كل شيء - بدءاً بولائه الوطني، مروراً بحقوقه و انتهاءاً بحقوق الآخرين - إذا لم يواكب هو هذا التغيير بالنضج الديمقراطي المطلوب ؟! .

إن الإجابة على هذا السؤال هي معنى الفرق بين الولاء الوطني و الولاء السياسي، كما أن ذات الإجابة هي : فلسفة التفريق بين معنى أن يكون الناخب (جاهزاً) و معنى أن يكون (مستعداً) ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الرأى العام 2007

No comments: