هل يجب أن تظل أيادي النساء موضوعة على قلوبهن طوال الوقت خوفاً أخريات مجهولات قد يسرقن الأزواج ذات غفلة ؟! . و إن حدث هذا – لا قدر الله - هل
ستنخرب بيوتهن ؟ أم أن مساحاتها سوف تتقلص إلى النصف فقط ؟
عوضاً عن كون العيش على هذا النحو – أي مع حكاية الأيادي الموضوعة على القلوب طوال الوقت تلك - جحيما يفوق جحيم الضرة نفسه باعتبار أن القتل أهون من التلويح بوقوعه، فـ لا أظن أن التحفُّز المفرط تجاه هذه الفكرة أمام الزوج أو مع النفس قد يعتبر خيارا سديدا !
و قبل أن تمتعض مني بعض النساء أو (يتكيَّف مني) بعض الرجال أقول بمنتهى الموضوعية و الحيادية و بما قد أستطيعه من تجرُّد بأننا حينما نطرح مسألة التعدد أي زواج الرجل المتزوج من أخرى للنقاش فإننا لا ينبغي أن نفعل ذلك مدججين بتلك الأفكار العدائية المتوفرة لدى معظم النساء فنركز على شجب الأمر على إطلاقه . إنما الذي ينبغي أن يعنينا في المقام الأول هو ظروف كل حالة على حدة و منطلقات كل من الطرفين في ذلك القرار و حجم الأضرار التي قد تعود على الأسرة و الأطراف الثلاثة من هذا الزواج ! .
لقد ظلت الأسباب المعلنة للتعدد، و التي ترتدي عباءة الأعذار لدى بعض الرجال حتى وقت ليس ببعيد منحصرةً في عدم الإنجاب أو تقدم السن بشريكة الحياة و انشغالها بالأبناء و الأحفاد، أو غير ذلك (مما يشبه ذلك) ! و قد كان معظم المحيطين بالزوج أو المتهم يثورون ضد الفكرة أياً كانت الأعذار، أما اليوم فتلك الأسباب قد تبدو مهضومة و بمنتهى اليسر مقارنة بالأسباب الجديدة التي يصعب على (الواحد) ازدرادها ناهيك عن هضمها !
فاليوم يتزوج الكهول الأغنياء الشابات الجميلات على زوجاتهم اللاتي قد يكن بدورهن شابات جميلات و تتزوج العوانس الثريات الشباب اليافعين الوسيمين مرَّة و اثنتين و ثلاث، بينما قد تلهث الشابة الجميلة المتعلمة وراء فكرة الزوج المناسب الذي يستر حالها و ينقذها من شبح العنوسة و كفى، بل و بأكبر قدر ممكن من التنازلات الإيجابية
و أرجو أن لا يفهم هذا الحديث على أنه تنديد بالزيجات المبنية على فوارق عمرية أو فجوات جيلية لأن الكثير من هذه الزيجات قد أثبت نجاحاً حقيقياً، إنما القصد هو أن الطمع أو الإغراء المادي قد بات هو المنطلق الوحيد لكثير من الزيجات اليوم .
فالطرف الذي يتلبس معطف الصياد يلوِّح بماله بمنتهى الثقة، و الآخر الذي يتسربل بثوب الفريسة يلتقط الطعم بسعادة و اقتناع، و لا يهم إن كان هذا يدخل في قبيل الصيد الجائر الذي يحدث خللاً في التوازن الطبيعي للعلاقات الاجتماعية فبينما يفرط العزَّال في لقط النخب الأولى و المتميزة على نحو قد يفيض عن حاجته ينتظر المحرومون تحت أشجار الظن و الترقب لحين حلول النصيب !
إذاً المشكلة لم تعد في التعدد الذي يتكئ على مبررات مقنعة نوعاً، بل في دناءة بعض النفوس التي تأبى الرضا بما لديها و تطمع دوماً في الجديد من جهة ، و في الرضوخ لإغراءات المال من جهة أخرى، الأمر الذي لم يعد طبعاً مستهجنا بل شطارة أناس أمنوا مستقبلهم مع الأزواج الأغنياء فأمنوا بذلك شر الفقر ! .
كيف نُشخِّص هذا الخلل المجتمعي يا ترى ؟! و بماذا نبدأ ؟! بجشع الصياد المتمرد على فكرة التعود.. أم بتواطؤ الفريسة ؟! .. أم نبدأ بتصفيق المجتمع الذي يشجع اللعبة الحلوة ؟! .. لا أدري ! كل ما أدريه أن الزواج في السودان لم يعد قراراً مبنياً على قناعات صحية !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك فرق - جريدة الرأى العام - 2007
No comments:
Post a Comment