النُّباح عادَة أزليَّة من عاداتِ الكلاب !! , لم ينجح مَخلوق أو فَتْح عِلْمي بِعيْنِه في تغييرها , غير أنَّ حسَّان بن ثابِت يزعُم أنَّ آل شَماس قد فعلوا !! , إذ يقول واصفاً إياهم بألذّ حُجَّة و أذكى ُمبرِّرْ سِيِقَ بغرضِ المَدْح في الشِّعر العَربي :
يُغْشَونَ حتَّى ما تّهــِرُّ كِلابُهُم لا يَسألونَ عَن السَّوادِ المُقْبـِلِ !!
إذاً فكرَم هؤلاء القوم – لعَظَمتِه و نُدْرَتِه - قد جَعلَ كلابهم تُعيد النَّظر في أمرِ النُّباح باعتباره نِشاطاً مُرهِقاً تُجانبُـه أبجديَّات الحكمَة و المنطق , لأنها إن تمسَّكت بحقِّها في إظهار السَّائـِد و المُتنحِّي من صفاتها الوراثيّـَة ستظل في حالة نُباح دائم إلى ما شاء الله !! , فضيوف آل شماس لا تُوقفُهم شمسٌ حارقةٌ و لا تُثنيهم عتْمةُ ليل , مما أقنعَها بأن تُفضِّل السُّكوت على النُّباح في معيَّـة هؤلاء الأغراب الذين لا يكفُّون عن التَدَفُّق و التَجدُّد كمياه النهر !! . بل أنَّها قد ذهبتْ إلى أبعد من هذا و آثرتْ أن تزهَد حتَّى في الهَرْ الذي هو أضعف إيمانِها - كونه أقل بدرجات من النُّباح و أعلى بدرجة من الصَّمت - !! . إلى جانب ذلك فهم أيضا - أي آل شماس - لا يتَجشَّمون عَناء السؤال عن ماهيَّة أو هويَّة ذلك السَّواد باعتباره سيكون في الغالب عدد آخر من الضيوف الذين يَلُوحُون من على البعد على هيئة سواد متحرك يُعانق امتداد الأفق لكَثرتِهِم . لماذا لا يسألون ؟! لأن عندهم من المأكل و المشرب و المُتَّكأ ما يكفي تلك الجَحَافل و أضعافها و يزيد , فهم أسياد قوم و أثرياء بالضرورة !! . أما ذلك السَّواد - أو تلك الجحافل - فهي تتوجه صوب ديار آل شماس بحماس و ثقة لأن هذه الضيافة و تلكم الحفاوة هي أمر مألوف و محسوم لا يتطلَّب استئذاناً أو تنسيقاً مسبقاً , يكفي أن يلوح سوادُهم في الأفق حتى يصبح هؤلاء القوم على أهبة الإستعداد بكافة الخدمات و بمُنتَهى الحفاوة . لأجل هذا كان ذلك ( العَشَمْ ) الكبير و المتجدِّد في رحب و سعة كرم بني شماس له ما يبرِّرُه و يُمَنطـِقُ قُوَّتَــه !! .
و على الرَّغم من أنَّ قَفَزاتٍ حضاريَّةٍ كثيرةٍ قد تتابعت , و أعقبت تلك الأزمان و غيرت ما غيرت , و أبقت على ما أبقت من تلك الأعراف المثالية , إلا أن حكاية الضيف و المضيف قد ظلَّت تاريخية و ممتدة عبر الزمن , لكن آلية التعاطي معها هي مُبرِّر هذا الحديث !! , لأن الكثير من أعرافنا المُلزمة و تقاليدنا العَريقة قد خَفَتَ بريقُها , و تراجعت سَطوتُها أمام التزامات الحياة العصريَّة المعقَّدة , و اللُّهاث المحموم وراء لقمة العيش الذي يلازمه إحباط من قلَّة الدخل و قلَّة الحيلة . عادات كثيرة تغيرت فأصبح المرء لا يحسن إلا إلى من يعرف , و أصبح الإحسان إلى من لا تعرف صفة مرتبطة بشيخ أو ( مسيد ) أو ولى من أولياء الله الصالحين , بالطبع هنالك بعض من يفعل , لكن هؤلاء يوصفون بأنهم أهل الخير و الإحسان و يشار إليهم على أنهم صفوة , لأنهم يحرصون على مسلَّمات دينية و اجتماعية يفترض أن يحرص عليها معظم الناس على الأقل من وقت لآخر , كشهر الصوم الذي يفترض أن تكون الأبواب فيه - مواربة إن لم تكن - مفتوحة على مصراعيها في انتظار ضيف قد يأتي متعشماً في حفاوة تزكيها أجواء الشهر الكريم بلا سابق اتصال أو تنسيق , و لا أقول سواداً !! , فاليوم لا سواد مُقبِل أو مُدبِر إلا في المناسبات ذات الزوايا الحادَّة , - أي الأفراح الكبيرة أو الأحزان العظيمة - و كل من تُسَوِّلْ له نفسُه أن يفعل غير ذلك بلا تنسيق مُسبق متكئاً على ( العَشَمْ ) في حفاوة مُفتَرضَةٍ فهو من كَوكبٍ آخَر , أو من زِمنٍ آخَر , أو من أهل العَوَضْ !! .
يُغْشَونَ حتَّى ما تّهــِرُّ كِلابُهُم لا يَسألونَ عَن السَّوادِ المُقْبـِلِ !!
إذاً فكرَم هؤلاء القوم – لعَظَمتِه و نُدْرَتِه - قد جَعلَ كلابهم تُعيد النَّظر في أمرِ النُّباح باعتباره نِشاطاً مُرهِقاً تُجانبُـه أبجديَّات الحكمَة و المنطق , لأنها إن تمسَّكت بحقِّها في إظهار السَّائـِد و المُتنحِّي من صفاتها الوراثيّـَة ستظل في حالة نُباح دائم إلى ما شاء الله !! , فضيوف آل شماس لا تُوقفُهم شمسٌ حارقةٌ و لا تُثنيهم عتْمةُ ليل , مما أقنعَها بأن تُفضِّل السُّكوت على النُّباح في معيَّـة هؤلاء الأغراب الذين لا يكفُّون عن التَدَفُّق و التَجدُّد كمياه النهر !! . بل أنَّها قد ذهبتْ إلى أبعد من هذا و آثرتْ أن تزهَد حتَّى في الهَرْ الذي هو أضعف إيمانِها - كونه أقل بدرجات من النُّباح و أعلى بدرجة من الصَّمت - !! . إلى جانب ذلك فهم أيضا - أي آل شماس - لا يتَجشَّمون عَناء السؤال عن ماهيَّة أو هويَّة ذلك السَّواد باعتباره سيكون في الغالب عدد آخر من الضيوف الذين يَلُوحُون من على البعد على هيئة سواد متحرك يُعانق امتداد الأفق لكَثرتِهِم . لماذا لا يسألون ؟! لأن عندهم من المأكل و المشرب و المُتَّكأ ما يكفي تلك الجَحَافل و أضعافها و يزيد , فهم أسياد قوم و أثرياء بالضرورة !! . أما ذلك السَّواد - أو تلك الجحافل - فهي تتوجه صوب ديار آل شماس بحماس و ثقة لأن هذه الضيافة و تلكم الحفاوة هي أمر مألوف و محسوم لا يتطلَّب استئذاناً أو تنسيقاً مسبقاً , يكفي أن يلوح سوادُهم في الأفق حتى يصبح هؤلاء القوم على أهبة الإستعداد بكافة الخدمات و بمُنتَهى الحفاوة . لأجل هذا كان ذلك ( العَشَمْ ) الكبير و المتجدِّد في رحب و سعة كرم بني شماس له ما يبرِّرُه و يُمَنطـِقُ قُوَّتَــه !! .
و على الرَّغم من أنَّ قَفَزاتٍ حضاريَّةٍ كثيرةٍ قد تتابعت , و أعقبت تلك الأزمان و غيرت ما غيرت , و أبقت على ما أبقت من تلك الأعراف المثالية , إلا أن حكاية الضيف و المضيف قد ظلَّت تاريخية و ممتدة عبر الزمن , لكن آلية التعاطي معها هي مُبرِّر هذا الحديث !! , لأن الكثير من أعرافنا المُلزمة و تقاليدنا العَريقة قد خَفَتَ بريقُها , و تراجعت سَطوتُها أمام التزامات الحياة العصريَّة المعقَّدة , و اللُّهاث المحموم وراء لقمة العيش الذي يلازمه إحباط من قلَّة الدخل و قلَّة الحيلة . عادات كثيرة تغيرت فأصبح المرء لا يحسن إلا إلى من يعرف , و أصبح الإحسان إلى من لا تعرف صفة مرتبطة بشيخ أو ( مسيد ) أو ولى من أولياء الله الصالحين , بالطبع هنالك بعض من يفعل , لكن هؤلاء يوصفون بأنهم أهل الخير و الإحسان و يشار إليهم على أنهم صفوة , لأنهم يحرصون على مسلَّمات دينية و اجتماعية يفترض أن يحرص عليها معظم الناس على الأقل من وقت لآخر , كشهر الصوم الذي يفترض أن تكون الأبواب فيه - مواربة إن لم تكن - مفتوحة على مصراعيها في انتظار ضيف قد يأتي متعشماً في حفاوة تزكيها أجواء الشهر الكريم بلا سابق اتصال أو تنسيق , و لا أقول سواداً !! , فاليوم لا سواد مُقبِل أو مُدبِر إلا في المناسبات ذات الزوايا الحادَّة , - أي الأفراح الكبيرة أو الأحزان العظيمة - و كل من تُسَوِّلْ له نفسُه أن يفعل غير ذلك بلا تنسيق مُسبق متكئاً على ( العَشَمْ ) في حفاوة مُفتَرضَةٍ فهو من كَوكبٍ آخَر , أو من زِمنٍ آخَر , أو من أهل العَوَضْ !! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيــلولة - أوراق جديدة - 2006
No comments:
Post a Comment