يقول بعض علماء اللغة المختصين بتعريب المصطلحات بأن كلمة (رائي) والتي هي الترجمة العربية الفصيحة لكلمة(television) غير موفقة لأنها تترجم فقط كلمة (vision) أي أنها تترجم جزءاً من المصطلح، بينما من الأفضل إكساب الكلمة نفسها وزناً من أوزان العربية، فالأصح أن نقول (تلفاز)
و يقولون أيضاً بأن كلمة (تلفزيون) مقحمة على اللغة و هي صيغة لم تسمع بها العرب قديماً أو حديثاً . كل هذا جميل، لكنِّي لا زلتُ أفضِّل استخدام كلمة (تلفزيون) في حديثي بعد أن (قَشَرت) - لك عزيزي القارئ - بالمعلومة أعلاه !
و عليه فقد كانت تغطية (التلفزيونات) المحليَّة لأحداث (حرب الخليج الأولى) من المنعطفات الثقافية الفارقة في حياتي لأنها جعلتني أرى - رأي العين - خطورة دور الإعلام المرئي كأداة حشد و تعبئة جماهيرية باهرة النتائج .
وجودي في منطقة الخليج العربي إبان اندلاع الحرب جعلني أتشبع بالنسخة السعودية للتغطية الإعلامية لـ (الغزو العراقي للكويت و تداعياته)، ثم ذهبت مع أسرتي لقضاء أجازتنا في السودان فتشبعتُ ثانيةً بالنسخة السودانية للتغطية الإعلامية لـ (الاحتلال الأمريكي للكويت و السعودية) !
كان هذا عندما كانت للقنوات المحليَّة (شنَّة و رنَّة) و قبل أن
تتسلَّم القنوات الفضائية مقاليد السلطة الإعلاميَّة في تشكيل الوعي السياسي للمُشاهد، ثم تهيمن بدلال على أولوياته في خيارات (الريموت كنترول) .
إنما ظل التلفزيون المحلِّي يلعب دوره بذات القدر من الخطورة في مضمار آخر هو تقديم صورة لهويَّة البلد التي يحمل شعارها .
و إذا كانت الهويَّة التلفزيوينة للبلد تعني تقديم بانوراما اجتماعية لشعبها فهذا الأمر يعني أن يعكس التلفزيون السوداني خصوصية و ثراء الجغرافيا الثقافية و العرقية عندنا، من (الهدندوة) و الـ (بني عامر) و (الحلنقة) و (الرشايدة) و (الشكرية) و (البطاحين) و (الفونج) و (العنج) و (الفلاتة) و (الدينكا) و (النوير) و (الشلك) و (الزاندي) و (الحمر) و (الزغاوة) و (القرعان) و (الفور) و الـ (بني هلبة) و (التعايشة) .. إلخ ..
هذا بالإضافة إلى قبائل الشمال و الوسط التي كان التلفزيون السوداني و لا يزال يمثِّلها خير تمثيل !
فـ لا يكفي أن تعكس بعض القنوات السودانية الخاصة جانباً هزيلاً من هذا كل هذا التنوع الثري، و لا يكفي أن يظهر كل هذا في لمحات باهتة ُمقحمة في صور درامية شحيحة . كما أنه لا يكفي أن يكون هذا التنوع في نوعية البرامج وحدها بل يجب ان يشمل المذيعين أيضاً .. نعَم المذيعون !
ما الذي يجعل القائمين على أمر قناة بعراقة الـ بي . بي . سي يصرون على وجود الملامح الشرق آسيوية و العربية و العرب أفريقية و الهندية و الأوربية بين وجوه مذيعيها سوى ضرورة تقديم صورة تعكس التنوع العرقي و الثقافي و الاجتماعي في بريطانيا ؟ .
أتساءل ببراءة : لماذا كل هذا التشبث المُزري بالهوية العربية في التمثيل الإعلامي المرئي لهذا البلد المسمى السودان على الرغم من تفرُّده الثقافي و خصوصيته التراثية ؟! .
و هل يُقدِّم تلفزيون السودان (بانوراما) صادقة لتنوع جذور و ثقافات و تراث هذا البلد ؟ أعتقد بأننا يجب أن نحسم أمر هويتَّنا السياسية قبل أن نطالب بتصحيح هويتنا التلفزيونية !
و يقولون أيضاً بأن كلمة (تلفزيون) مقحمة على اللغة و هي صيغة لم تسمع بها العرب قديماً أو حديثاً . كل هذا جميل، لكنِّي لا زلتُ أفضِّل استخدام كلمة (تلفزيون) في حديثي بعد أن (قَشَرت) - لك عزيزي القارئ - بالمعلومة أعلاه !
و عليه فقد كانت تغطية (التلفزيونات) المحليَّة لأحداث (حرب الخليج الأولى) من المنعطفات الثقافية الفارقة في حياتي لأنها جعلتني أرى - رأي العين - خطورة دور الإعلام المرئي كأداة حشد و تعبئة جماهيرية باهرة النتائج .
وجودي في منطقة الخليج العربي إبان اندلاع الحرب جعلني أتشبع بالنسخة السعودية للتغطية الإعلامية لـ (الغزو العراقي للكويت و تداعياته)، ثم ذهبت مع أسرتي لقضاء أجازتنا في السودان فتشبعتُ ثانيةً بالنسخة السودانية للتغطية الإعلامية لـ (الاحتلال الأمريكي للكويت و السعودية) !
كان هذا عندما كانت للقنوات المحليَّة (شنَّة و رنَّة) و قبل أن
تتسلَّم القنوات الفضائية مقاليد السلطة الإعلاميَّة في تشكيل الوعي السياسي للمُشاهد، ثم تهيمن بدلال على أولوياته في خيارات (الريموت كنترول) .
إنما ظل التلفزيون المحلِّي يلعب دوره بذات القدر من الخطورة في مضمار آخر هو تقديم صورة لهويَّة البلد التي يحمل شعارها .
و إذا كانت الهويَّة التلفزيوينة للبلد تعني تقديم بانوراما اجتماعية لشعبها فهذا الأمر يعني أن يعكس التلفزيون السوداني خصوصية و ثراء الجغرافيا الثقافية و العرقية عندنا، من (الهدندوة) و الـ (بني عامر) و (الحلنقة) و (الرشايدة) و (الشكرية) و (البطاحين) و (الفونج) و (العنج) و (الفلاتة) و (الدينكا) و (النوير) و (الشلك) و (الزاندي) و (الحمر) و (الزغاوة) و (القرعان) و (الفور) و الـ (بني هلبة) و (التعايشة) .. إلخ ..
هذا بالإضافة إلى قبائل الشمال و الوسط التي كان التلفزيون السوداني و لا يزال يمثِّلها خير تمثيل !
فـ لا يكفي أن تعكس بعض القنوات السودانية الخاصة جانباً هزيلاً من هذا كل هذا التنوع الثري، و لا يكفي أن يظهر كل هذا في لمحات باهتة ُمقحمة في صور درامية شحيحة . كما أنه لا يكفي أن يكون هذا التنوع في نوعية البرامج وحدها بل يجب ان يشمل المذيعين أيضاً .. نعَم المذيعون !
ما الذي يجعل القائمين على أمر قناة بعراقة الـ بي . بي . سي يصرون على وجود الملامح الشرق آسيوية و العربية و العرب أفريقية و الهندية و الأوربية بين وجوه مذيعيها سوى ضرورة تقديم صورة تعكس التنوع العرقي و الثقافي و الاجتماعي في بريطانيا ؟ .
أتساءل ببراءة : لماذا كل هذا التشبث المُزري بالهوية العربية في التمثيل الإعلامي المرئي لهذا البلد المسمى السودان على الرغم من تفرُّده الثقافي و خصوصيته التراثية ؟! .
و هل يُقدِّم تلفزيون السودان (بانوراما) صادقة لتنوع جذور و ثقافات و تراث هذا البلد ؟ أعتقد بأننا يجب أن نحسم أمر هويتَّنا السياسية قبل أن نطالب بتصحيح هويتنا التلفزيونية !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرأى العام - هناك فرق -2007
No comments:
Post a Comment